“الشراكة والتنمية” بديلًا عن مأسسة الانقسام وترسيخه

بقلم الدكتور: عزام شعت

يُرسل إجماع ثمانية فصائل فلسطينية على تشكيل اللجنة الوطنية للشراكة والتنمية في قطاع غزة إشارات إيجابية، ويحمل رسائل عميقة وواضحة في معاني الجمع ودلالات وحدة وتوحيد الفعل الوطني على طريق تفكيك عُقد الانقسام الفلسطيني الذي أتمّ سنويته السادسة عشر، وغابت عن طرفيه الإرادة السياسية طيلة هذه السنوات الثقيلة وعلى امتدادها.

وتتحقق فوائد صيغة الجمع والتلاقي التي يرتكز عليها تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح برئاسة النائب محمد دحلان مع تأسيس «اللجنة الوطنية» بعضوية ممثلين عن التيار الوطني واليسار والإسلام السياسي، وهي ضمن القواعد الثابتة التي رسخها «التيار» في فكره وأدبياته بالفعل والممارسة منذ انطلاقته الأولى؛ استجابةً للظروف الاستثنائية والضاغطة التي تمرُ بها القضية الفلسطينية. ولا شك أن قائمة مساهمات “التيار” في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني وتجاوز تداعيات الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي متعددة وتطول ويصعب حصرها.

إن الإعلان عن تأسيس “اللجنة الوطنية” بعنوانها وبالصيغة التي عبر عنها رئيسها الدكتور أسامة الفرا، في بيان التأسيس، تحمل معاني الفعل الميداني على طريق تعزيز الشراكة الوطنية الشاملة لمواجهة أسباب وانعكاسات الانقسام الداخلي وفي اتجاهين من الضرورة والأهمية. أولهما، تجسيد فكرة العدالة الانتقالية وجبر الضرر عن ضحايا الانقسام. والثاني، تعزيز صمود سكان غزة والتخفيف من معاناتهم عبر مشاريع خدمية وتنموية تُراعي حقيقة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وتفاقم الأوضاع الإنسانية من ارتفاع لمعدلات الفقر والبطالة، وغيرها من الأزمات التي أنتجتها وعمقتها «إسرائيل» كقوة احتلال، وسلطتي غزة ورام الله اللتين تخليتا عن مسؤولياتهما القانونية والإدارية في القطاع، وفشلتا في التخفيف من معاناة سكانه.

لقد تهيَّأت الأسباب لقائد تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح لتوظيف علاقاته الدولية والعربية لجلب المساعدات الإنسانية والإغاثية للتخفيف من معاناة أهله في قطاع غزة، فكان من ثمارها تأسيس “اللجنة الوطنية”، في وقت تخلت السلطة الفلسطينية وحركة فتح برئاسة محمود عباس معًا عن مسؤولياتهم تجاه القطاع، وباعدوا بينهم وبين أهل غزة، ومارسوا ضدهم من الإجراءات ما يخالف العقل والمنطق والقانون.

والشاهد أيضًا أن دولة الإمارات العربية المتحدة وهي تدعم «اللجنة الوطنية» وتوفر لها أسباب الحياة، مثلما كانت تمدّ أيادٍ بيضاء دعمًا وإسنادًا للشعب الفلسطيني، تتوخى تعزيز الصلات الأخوية وتعميق الروابط المشتركة مع الشعب الفلسطيني، بلا غايات سياسية، وهذا ما يعرفه الفلسطينيون ويقدرونه لأشقائهم اليوم، ومنذ زمن الراحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. ويكفي للمراقب أن يستحضر راهنًا خارطة المساعدات الإنسانية الإماراتية المتدفقة والممتدة إلى الأرض الفلسطينية ليتبين هذه الحقيقة.